تفاصيل قذرة لوزير التنسيق الامني في السلطة حسين الشيخ كما يرويها صحفي فلسطيني
كتب سعيد الغزالي ( صحفي من القدس يعمل في مجال التحقيقات الصحفية )
بدأت قصة اعتداء وتطاول حسين الشيخ وزير هيئة الشؤون المدنية وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح عندما استدعى موظفة متخصصة في برمجة الشبكات الالكترونية إلى مكتبه الكائن في بناية وزارة الشؤون المدنية في منطقة البالوع برام الله لإصلاح عطل في جهاز حاسوبه، فغادرت مبرمجة الشبكات الاكترونية مكتبها في الطابق الثالث، وصعدت إلى الطابق السادس حيث مكتب وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ.
هناك داخل المكتب لاحظت أن نظرات الوزير مريبة، كان يلتهمها بعينيه، بدأ سعادته بمغازلتها أنت أجمل موظفة تعمل في الوزارة"، فردت عليه بحزم: أنت في مثل عمر أبي، وأنا مثل ابنتك، وهذا الحكي لا يجوز.
انهمكت في عملها متجاهلة تعليقه، واكتشفت أنه لا يوجد أي عطل في الحاسوب، لكن ردها الحازم لم يردعه فهاجمها مستخدما القوة، بينما كانت تحاول تحديد العطل في الجهاز، فدافعت عن نفسها وتمكنت من الإفلات منه، وصاحت: يا واطي، يا قذر، وبصقت في وجهه، ثارت ثائرتها وبدأ الوزير بالتوسل إليها والطلب منها بأن تهدأ.
تصرفت كنمرة تدافع عن حياضها. ولكن حكايتها لم تنته هنا.
وقعت الحادثة في بداية الشهر الحالي وباءت جهود الوزير الذي استخدم العصا والجزرة، التهديد والإغراء، المال والنفوذ، ضدها وضد زوجها وأبيها لطمس جريمته وإبقائها طي الكتمان . نجح الوزير بالوعد والوعيد في إخفاء اعتداءاته السابقة على موظفات أخريات، ولكنه فشل هذه المرة والفضل في ذلك يعود لشجاعتها، وإصرار زوجها على أخذ حقه وحق زوجته، الزوجان لم يأخذا حقهما حتى هذه اللحظة، بل تعرض الزوج للتهديد بإطلاق النار على قدميه.
المحنة التي تعرض لها الزوجان ما زالت مستمرة.
زوجها هو أحمد أبو العم 30 عاما، خريج جامعة بيرزيت من قسم العلوم السياسية، وأحد قادة كتائب الأقصى الذي كان مطاردا من قبل قوات الاحتلال لـ أربع سنوات. والمهندسة زوجته، خريجة نفس الجامعة، هي أم لولد عمره ثلاث سنوات واسمه ليث وابنة اسمها جنة وعمرها 14 شهرا، قصتهما قصة مأساة أصابت جميع أفراد عائلتيهما بل المجتمع بأسرة. وهي آخر صرعة من صرعات الفساد بأشكاله العديدة الذي ينخر جسم السلطة الفسطينية، ويبدو أن هذه السلطة قد وصلت إلى الحضيض، وإصلاحها يبدو مستحيلا.
كانت آخر حكاية من عيار ثقيل تلك التي فجرها الضابط الفلسطيني فهمي شبانة الذي كشف تورط رفيق الحسيني مدير مكتب الرئيس في محاولة اغواء امرأة فلسطينية جاءت تطلب مساعدته في شأن عائلي، فاعجب بجمالها واستغلها، على إثرها، كشفت عدة ملفات فساد، منها ما يتعلق بالتحرش الجنسي، ومنها ما يتعلق بنهب المال العام واستغلال المنصب والوظيفة، وشكل الرئيس هيئة مكافحة الفساد، ولكن عمل الهيئة بقي صوريا. ولم يحاكم الفاسدون على جرائمهم المالية والأخلاقية.
ولم تتوقف آلة الفساد.
عملت خريجة قسم تكنولوجيا المعلومات في وزارة العمل منذ عام2010، وكان مكان عملها يبعد خمسة وعشرون كيلو مترا من منزل العائلة، فاهتم زوجها بالسعي لنقلها إلى العمل في وزارة الشؤون المدنية، القريب من منزل العائلة، دون علم الوزير، وذلك لسمعته السيئة. "أنا وزوجتي نعلم بأنه "إنسان سافل وحقير، فطلبت من وكيل الوزارة معروف زهران بأن يخلص جميع أوراق نقلها". وهكذا فعل وانتقلت الزوجة للعمل في الطابق الثالث في قسم تكنولوجيا المعلومات ومرت ستة شهور وهي تعمل هناك، تخرج من بيتها وتعود إليه دون أن تراها عينا الوزير.
وشاهدها في أحد الأيام وسأل مرافقه زياد: "من هذه الصبية؟"
"إنها زوجة أحمد أبو العم، " أجاب المرافق، في اليوم التالي، استدعاها إلى مكتبه بحجة إصلاح العطل في جهاز الحاسوب.
بعد أن قامت الزوجة الأم بصده، لم ييأس الوزير، بعبارة أكثر دقة، لم يستح، وكرر محاولاته دون هوادة، وتهاوت مكيدة الحاسوب المعطل، فرفضت الاستجابه له والصعود إلى مكتبه، فكان يتصل بهاتفها ويأمرها بحكم منصبه بأن تأتي إلى مكتبه لتصلح الجهاز، وبدأ بإرسال "مسجات" مغازلة إلى بريدها الإلكتروني. زعم في إحدى المرات بأنها سرقت شيئا من مكتبه ولم تعده إلى المكتب، وطالبها بإعادته، وهدد بأنه سيرسلها إلى السجن. وفي أخرى، قام بسرقة جوالها وأرسل رسائل إلى جواله من جوالها، مدعيا أنها توافقه على رغباته، واستخدم بذلك"أسلوب الإسقاط الذي تمارسه المخابرات الإسرائيلية لتجنيد جواسيس فلسطينيين للعمل لديها، " كما يقول زوجها أبو العم.
وهاجمها أيضا مرة أخرى، فدافعت عن نفسها، وركلته بقدمه ولكمته وصفعته على وجهه.
كانت تطلع زوجها على كل شيء، أولا بأول، وعندما يضغط الوزير عليها للتوجه إلى مكتبه، تكتشف أن الحاسوب غير معطل، تغادر المكتب فورا، وتعود إلى مكتبها. قال لها في إحدى رسائلة الإلكترونية:"أنا أحبك ونفسي فيك".واطلع زوجها على الرسالة. وكانت الرسائل حميمية، قصيرة وطويلة، ويرسلها إلى هاتفها من رقم هاتفه المعروف للزوجين.
كان صبر الزوج صبرا أيوبيا
تجنبت الزوجة الأم قراءة الرسائل، حتى لا يستعر غضبها، ولأنها شديدة الحساسية، ولا تتحمل كلام "إنسان وسخ" على حد تعبير زوجها. "بصراحة انا أتحدث اليك واتألم"، قال أبو العم.
لم يستطع أبو العم أن يحتمل هذه الإهانة، واشتعل غضبا، فتوجه في الثاني عشر من الشهر الحالي إلى مكتب الوزير وفي يده سلاح، يريد أن يقتله، ولم يجده هناك.
أحس الوزير بخطورة الموقف. فلا يقبل زوج أن تتعرض زوجته إلى هذه الاعتداءات فكيف إذا كان الزوج قائدا من قادة كتائب شهداء الأقصى. أرسل الوزير مرافقه بظرف فيه عشرة آلاف دولار وقدمه لأبي العم، وقال:
"خذ هذا المبلغ واذهب وشم الهوا، وهذا رد اعتبار لك". أضاف المرافق:"إن الوزير يقول لك إن مرتك شريفة، وأنا لم أمسسها بسوء، وأرجوك لا تفضحني وأنا عند وعدي. ضع الرقم الذي تريد، وعرض عليه شيكا مفتوحا. اضاف مرافق الوزير:"إن الوزير سيعطيك درجة أكبر في الوزارة، وسيُرقي زوجتك إلى مدير عام، مقابل السكوت. أرجوك لا تفضحني".
يقول أبو العم إن هذا الكلام مثبت في رسائل نصية ارسلت إليه.
رفض أبو العم هذه العروض في البداية، لأنه كان مصرا على قتل الوزير، ولكنه غير رأيه فيما بعد، بعد تلقيه نصيحة من أحد المسئولين الذي أخبره بأن ما لديه من رسائل نصية لا يثبت تهمة التحرش . وطلب منه أن يقبل العرض، ويقوم بتسجيل استلامه للمال، ليحصل على إثبات ملموس بإدانة الوزير. وحدث ذلك فعلا.
تسلم أبو العم مبلغ العشرة آلاف دولار من مدير مكتبه زياد أبو غوش، بالإضافة إلى مبلغ ألفي دولار وجهاز هاتف كلاكسي اس 3.
استكمل أبو العم ملف الإدانة، وقام بتسليمه إلى مدير المخابرات العامة اللواء ماجد أبو فرج، واللواء توفيق الطيراوي، وذهب الاثنان إلى الرئيس وسلموه الملف، بعد أن تأكدوا من صحة المعلومات التي تدين الوزير. قال المسؤولان للرئيس:إن الوزير مدان ولا مجال للشك بذلك".
أجاب الرئيس: "سكروا الموضوع لحين عودتي من امريكا لأن الظرف حساس والانتخابات على الابواب وإن علم الشارع سنخسر الانتخابات في الرئاسة والبلدي وكل شيء، مش ناقصنا فضايح واللي فينا امكفينا، ارجوكم لمو الموضوع ولا تجعلوه يتفاقم".
قدم ابو العم شكاوى عديدة للمخابرات والاستخبارات العسكرية وهيئة ومكافحة الفساد واللجنة المركزية لحركة فتح وأرسل ملفا لمسؤول المباحث العميد جبر عصفور، ومسؤول الشرطة اللواء حازم عطاالله، ونقابة العاملين بالوظيفة العمومية بسام زكارنة ووزير العدل، ورئيس نادي الأسير قدورة فارس وآخرين.
أحس الوزير الشيخ بالخطر يدهمه، فأرسل عماد كركرة مسؤوله الإعلامي إلى أبي العم وطلب منه بأن يسحب ملفات شكاويه، وخصوصا الملف الموجه إلى اللجنة المركزية لحركة فتح، وقال كركرة: إن الوزير ينتظر الرد.
أخبره العديد من المسؤولين بأن الوزير مستعد لإرضائه، بل عرض عليه أحدهم، بأن يحضر الوزير إلى غرفة مغلقة، ويختلي به أبو العم، ويقوم الأخير بضربه، ليشفي غليله، إن لم يشف المال غليله . وعرض عليه المزيد من الترقيات. يقول أبو العم: "لو كان هؤلاء المسؤولين على قناعة بأن الوزير الشيخ بريء لما عرضوا عليّ أن أقوم بضربه، خصوصا أنه مقرب من الرئيس ويتمتع بحصانة".
علم أبو العم بأن الوزير اتصل بوالد زوجته وطلب منه الحضور إلى مقر الاستخبارات في أم الشرايط للتوقيع على وثيقة تبرأ الوزير من جريمة التحرش الجنسي بزوجته . توجه أبو العم فورا إلى المقر، وأخبر الضباط هناك بأنه لن يقبل هذا التنازل، وأن من يملك الحق بالتنازل هي صاحبة الشأن زوجته.
التقى مدير الاستخبارات الرائد كمال حمايل بأبي العم الذي قال له : "كيف تحول مقر الاستخبارات إلى جمعية إصلاح. فرد الأخير بأن الصلحة ستجري الليلة والملف سيغلق ولو قتل ألف شخص، اختصر."
أجابه أبو العم بأنه لا يريد أن يختصر ولا يمكنكم استغلال رجل عجوز وواهن، وهو ليس صاحب القرار وليس الضحية، وقال إن زوجته لا تريد أن تتنازل عن حقها."
بدأ أبو العم بالصراخ، وسانده شقيقاه ناصر ومحمد. فأمر رئيس الاستخبارات باعتقالهم.
"أحاطني عشرون من العساكر يحملون الدبسات، وبدأوا بشتمي، وتطاولوا عليّ بعبارات قذرة. وضعوا كل واحد منا في غرفة على انفراد. بقيت بالحبس خمس ساعات، وصل الوزير وأرغم والد زوجتي على التوقيع على أوراق بأن الوزير بريء وأنني وزوجتي قمنا بتلفيق التهم له. "
في الساعة الرابعة صباحا، أطلق سراح الأشقاء الثلاثة . وفي الساعة السادسة صباحا، اطلق سراح والد الزوجه، بعد إجباره على توقيع ورقة يقر فيها ببراءة الجاني من جريمته، وأن ابنته وزوجها المسؤولان عن الإيقاع بالوزير.
توجه أبو العم إلى المقاطعة لمقابلة الرئيس، لاطلاعه على كل شيء، فوجد أنه قد غادر إلى الولايات المتحدة.
وفي مساء نفس اليوم، أي في العشرين من الشهر الحالي، توجه أبو العم بصحبة زوجته إلى الأردن.
يقول أبو العم إنه قرر المغادرة إلى الأردن بعد تعرضه لتهديدات بالقتل، من قبل ثلاثة أشخاص أرسلهم الوزير. ويريد أيضا مقابلة الرئيس في الاردن، بعدما تعذر مقابلته في رام الله. يضيف أبو العم بأنه لن يتمكن من مقابلة الرئيس في المقاطعة، لأن الوزير الشيخ يسيطر على الوضع هناك، وهناك من يأتمر بأمره من الحراس والمسئولين في مكتب الرئيس.
غادر الوزير الشيخ رام الله إلى الأردن، وعلم أبو العم من مصادر في السفارة الفلسطينية في عمان أنه يحاول الإلتقاء به ليستمر في مسلسل عروضه . "إنني لا أريد مقابلته وبيني وبينه المحاكم فقط".
وقال: ارتكب الوزير الشيخ جرائم مماثلة ضد عدة فتيات، إحداهن فتاة مسيحية، اغتصبها، وحملت ثم أجهضت الجنين، ودفع لعائلتها ثمانين ألف دولار لقاء سكوتها. وفعلها أيضا عندما مارس الجنس مع زوجة سجين محكوم بالسجن خمسة وعشرين عاما، وقام الأسير بتطليق زوجته، والحركة الأسيرة ستصدر قريبا بيانا ضد الوزير".
هذه الاتهامات يتداولها كثيرون، ويجري دائما حل المشاكل بالترهيب والترغيب، كما يقول أبو العم. يضيف: "إن لم ينصفني الرئيس، لن يكون لي مكان في فلسطين، وسيولد الظلم ثورة".
أما الزوجة فتقول: "لا يحق لوالدها أو عائلتها الحديث بأسمها وانها تريد حقها بالقانون، وإن لم ينصفها القانون، فهذه كارثة لكل فتيات فلسطين، لأن القانون لا يحميهن".
عيش عائلة أبو العم في بيت أحد الأقارب في عمان، في ظروف صعبة على الصعيدين المالي والنفسي، ولم يحصلا على أي دعم من أحد .
يقول أبو العم: "نحن موظفون ولم نتلق اي راتب وعلينا قروض وزوجتي في حالة نفسية شبه منهارة، وتتساءل: ماذا سيجري لنا بعد كل هذا العناء. لقد تعرضت للضغط والتهديد والابتزاز والقمع والاعتداء، وهي تدعو الله أن ينتقم من حسين الشيخ ومرتزقته ولم يقدم أحد لنا مساعدة حتى علبة دواء لزوجتي لتهدئتها. لم يقل لنا أحد: ماذا ينقصكم ؟ وما هي احتياجاتكم ؟ وأقول: لا حول ولا قوة إلا بالله".
أبو العم مطلوب لحسين الشيخ وعشيرته ويقول : "ثمن ديتي جاهز، وهم يريدون قتلي". يضيف: "الوزير لديه أعوان في جهاز الاستخبارات وفي التنظيم، وهم يريدون النيل مني".
أُبلغ أبو العم وزوجته هذا الصباح برسالة إلكترونية مقتضبة بأن وزارة الشؤون المدنية تنظر في أمر فصلهما لغيابهما عن العمل منذ أكثر من عشرة أيام.
كتب سعيد الغزالي ( صحفي من القدس يعمل في مجال التحقيقات الصحفية )
بدأت قصة اعتداء وتطاول حسين الشيخ وزير هيئة الشؤون المدنية وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح عندما استدعى موظفة متخصصة في برمجة الشبكات الالكترونية إلى مكتبه الكائن في بناية وزارة الشؤون المدنية في منطقة البالوع برام الله لإصلاح عطل في جهاز حاسوبه، فغادرت مبرمجة الشبكات الاكترونية مكتبها في الطابق الثالث، وصعدت إلى الطابق السادس حيث مكتب وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ.
هناك داخل المكتب لاحظت أن نظرات الوزير مريبة، كان يلتهمها بعينيه، بدأ سعادته بمغازلتها أنت أجمل موظفة تعمل في الوزارة"، فردت عليه بحزم: أنت في مثل عمر أبي، وأنا مثل ابنتك، وهذا الحكي لا يجوز.
انهمكت في عملها متجاهلة تعليقه، واكتشفت أنه لا يوجد أي عطل في الحاسوب، لكن ردها الحازم لم يردعه فهاجمها مستخدما القوة، بينما كانت تحاول تحديد العطل في الجهاز، فدافعت عن نفسها وتمكنت من الإفلات منه، وصاحت: يا واطي، يا قذر، وبصقت في وجهه، ثارت ثائرتها وبدأ الوزير بالتوسل إليها والطلب منها بأن تهدأ.
تصرفت كنمرة تدافع عن حياضها. ولكن حكايتها لم تنته هنا.
وقعت الحادثة في بداية الشهر الحالي وباءت جهود الوزير الذي استخدم العصا والجزرة، التهديد والإغراء، المال والنفوذ، ضدها وضد زوجها وأبيها لطمس جريمته وإبقائها طي الكتمان . نجح الوزير بالوعد والوعيد في إخفاء اعتداءاته السابقة على موظفات أخريات، ولكنه فشل هذه المرة والفضل في ذلك يعود لشجاعتها، وإصرار زوجها على أخذ حقه وحق زوجته، الزوجان لم يأخذا حقهما حتى هذه اللحظة، بل تعرض الزوج للتهديد بإطلاق النار على قدميه.
المحنة التي تعرض لها الزوجان ما زالت مستمرة.
زوجها هو أحمد أبو العم 30 عاما، خريج جامعة بيرزيت من قسم العلوم السياسية، وأحد قادة كتائب الأقصى الذي كان مطاردا من قبل قوات الاحتلال لـ أربع سنوات. والمهندسة زوجته، خريجة نفس الجامعة، هي أم لولد عمره ثلاث سنوات واسمه ليث وابنة اسمها جنة وعمرها 14 شهرا، قصتهما قصة مأساة أصابت جميع أفراد عائلتيهما بل المجتمع بأسرة. وهي آخر صرعة من صرعات الفساد بأشكاله العديدة الذي ينخر جسم السلطة الفسطينية، ويبدو أن هذه السلطة قد وصلت إلى الحضيض، وإصلاحها يبدو مستحيلا.
كانت آخر حكاية من عيار ثقيل تلك التي فجرها الضابط الفلسطيني فهمي شبانة الذي كشف تورط رفيق الحسيني مدير مكتب الرئيس في محاولة اغواء امرأة فلسطينية جاءت تطلب مساعدته في شأن عائلي، فاعجب بجمالها واستغلها، على إثرها، كشفت عدة ملفات فساد، منها ما يتعلق بالتحرش الجنسي، ومنها ما يتعلق بنهب المال العام واستغلال المنصب والوظيفة، وشكل الرئيس هيئة مكافحة الفساد، ولكن عمل الهيئة بقي صوريا. ولم يحاكم الفاسدون على جرائمهم المالية والأخلاقية.
ولم تتوقف آلة الفساد.
عملت خريجة قسم تكنولوجيا المعلومات في وزارة العمل منذ عام2010، وكان مكان عملها يبعد خمسة وعشرون كيلو مترا من منزل العائلة، فاهتم زوجها بالسعي لنقلها إلى العمل في وزارة الشؤون المدنية، القريب من منزل العائلة، دون علم الوزير، وذلك لسمعته السيئة. "أنا وزوجتي نعلم بأنه "إنسان سافل وحقير، فطلبت من وكيل الوزارة معروف زهران بأن يخلص جميع أوراق نقلها". وهكذا فعل وانتقلت الزوجة للعمل في الطابق الثالث في قسم تكنولوجيا المعلومات ومرت ستة شهور وهي تعمل هناك، تخرج من بيتها وتعود إليه دون أن تراها عينا الوزير.
وشاهدها في أحد الأيام وسأل مرافقه زياد: "من هذه الصبية؟"
"إنها زوجة أحمد أبو العم، " أجاب المرافق، في اليوم التالي، استدعاها إلى مكتبه بحجة إصلاح العطل في جهاز الحاسوب.
بعد أن قامت الزوجة الأم بصده، لم ييأس الوزير، بعبارة أكثر دقة، لم يستح، وكرر محاولاته دون هوادة، وتهاوت مكيدة الحاسوب المعطل، فرفضت الاستجابه له والصعود إلى مكتبه، فكان يتصل بهاتفها ويأمرها بحكم منصبه بأن تأتي إلى مكتبه لتصلح الجهاز، وبدأ بإرسال "مسجات" مغازلة إلى بريدها الإلكتروني. زعم في إحدى المرات بأنها سرقت شيئا من مكتبه ولم تعده إلى المكتب، وطالبها بإعادته، وهدد بأنه سيرسلها إلى السجن. وفي أخرى، قام بسرقة جوالها وأرسل رسائل إلى جواله من جوالها، مدعيا أنها توافقه على رغباته، واستخدم بذلك"أسلوب الإسقاط الذي تمارسه المخابرات الإسرائيلية لتجنيد جواسيس فلسطينيين للعمل لديها، " كما يقول زوجها أبو العم.
وهاجمها أيضا مرة أخرى، فدافعت عن نفسها، وركلته بقدمه ولكمته وصفعته على وجهه.
كانت تطلع زوجها على كل شيء، أولا بأول، وعندما يضغط الوزير عليها للتوجه إلى مكتبه، تكتشف أن الحاسوب غير معطل، تغادر المكتب فورا، وتعود إلى مكتبها. قال لها في إحدى رسائلة الإلكترونية:"أنا أحبك ونفسي فيك".واطلع زوجها على الرسالة. وكانت الرسائل حميمية، قصيرة وطويلة، ويرسلها إلى هاتفها من رقم هاتفه المعروف للزوجين.
كان صبر الزوج صبرا أيوبيا
تجنبت الزوجة الأم قراءة الرسائل، حتى لا يستعر غضبها، ولأنها شديدة الحساسية، ولا تتحمل كلام "إنسان وسخ" على حد تعبير زوجها. "بصراحة انا أتحدث اليك واتألم"، قال أبو العم.
لم يستطع أبو العم أن يحتمل هذه الإهانة، واشتعل غضبا، فتوجه في الثاني عشر من الشهر الحالي إلى مكتب الوزير وفي يده سلاح، يريد أن يقتله، ولم يجده هناك.
أحس الوزير بخطورة الموقف. فلا يقبل زوج أن تتعرض زوجته إلى هذه الاعتداءات فكيف إذا كان الزوج قائدا من قادة كتائب شهداء الأقصى. أرسل الوزير مرافقه بظرف فيه عشرة آلاف دولار وقدمه لأبي العم، وقال:
"خذ هذا المبلغ واذهب وشم الهوا، وهذا رد اعتبار لك". أضاف المرافق:"إن الوزير يقول لك إن مرتك شريفة، وأنا لم أمسسها بسوء، وأرجوك لا تفضحني وأنا عند وعدي. ضع الرقم الذي تريد، وعرض عليه شيكا مفتوحا. اضاف مرافق الوزير:"إن الوزير سيعطيك درجة أكبر في الوزارة، وسيُرقي زوجتك إلى مدير عام، مقابل السكوت. أرجوك لا تفضحني".
يقول أبو العم إن هذا الكلام مثبت في رسائل نصية ارسلت إليه.
رفض أبو العم هذه العروض في البداية، لأنه كان مصرا على قتل الوزير، ولكنه غير رأيه فيما بعد، بعد تلقيه نصيحة من أحد المسئولين الذي أخبره بأن ما لديه من رسائل نصية لا يثبت تهمة التحرش . وطلب منه أن يقبل العرض، ويقوم بتسجيل استلامه للمال، ليحصل على إثبات ملموس بإدانة الوزير. وحدث ذلك فعلا.
تسلم أبو العم مبلغ العشرة آلاف دولار من مدير مكتبه زياد أبو غوش، بالإضافة إلى مبلغ ألفي دولار وجهاز هاتف كلاكسي اس 3.
استكمل أبو العم ملف الإدانة، وقام بتسليمه إلى مدير المخابرات العامة اللواء ماجد أبو فرج، واللواء توفيق الطيراوي، وذهب الاثنان إلى الرئيس وسلموه الملف، بعد أن تأكدوا من صحة المعلومات التي تدين الوزير. قال المسؤولان للرئيس:إن الوزير مدان ولا مجال للشك بذلك".
أجاب الرئيس: "سكروا الموضوع لحين عودتي من امريكا لأن الظرف حساس والانتخابات على الابواب وإن علم الشارع سنخسر الانتخابات في الرئاسة والبلدي وكل شيء، مش ناقصنا فضايح واللي فينا امكفينا، ارجوكم لمو الموضوع ولا تجعلوه يتفاقم".
قدم ابو العم شكاوى عديدة للمخابرات والاستخبارات العسكرية وهيئة ومكافحة الفساد واللجنة المركزية لحركة فتح وأرسل ملفا لمسؤول المباحث العميد جبر عصفور، ومسؤول الشرطة اللواء حازم عطاالله، ونقابة العاملين بالوظيفة العمومية بسام زكارنة ووزير العدل، ورئيس نادي الأسير قدورة فارس وآخرين.
أحس الوزير الشيخ بالخطر يدهمه، فأرسل عماد كركرة مسؤوله الإعلامي إلى أبي العم وطلب منه بأن يسحب ملفات شكاويه، وخصوصا الملف الموجه إلى اللجنة المركزية لحركة فتح، وقال كركرة: إن الوزير ينتظر الرد.
أخبره العديد من المسؤولين بأن الوزير مستعد لإرضائه، بل عرض عليه أحدهم، بأن يحضر الوزير إلى غرفة مغلقة، ويختلي به أبو العم، ويقوم الأخير بضربه، ليشفي غليله، إن لم يشف المال غليله . وعرض عليه المزيد من الترقيات. يقول أبو العم: "لو كان هؤلاء المسؤولين على قناعة بأن الوزير الشيخ بريء لما عرضوا عليّ أن أقوم بضربه، خصوصا أنه مقرب من الرئيس ويتمتع بحصانة".
علم أبو العم بأن الوزير اتصل بوالد زوجته وطلب منه الحضور إلى مقر الاستخبارات في أم الشرايط للتوقيع على وثيقة تبرأ الوزير من جريمة التحرش الجنسي بزوجته . توجه أبو العم فورا إلى المقر، وأخبر الضباط هناك بأنه لن يقبل هذا التنازل، وأن من يملك الحق بالتنازل هي صاحبة الشأن زوجته.
التقى مدير الاستخبارات الرائد كمال حمايل بأبي العم الذي قال له : "كيف تحول مقر الاستخبارات إلى جمعية إصلاح. فرد الأخير بأن الصلحة ستجري الليلة والملف سيغلق ولو قتل ألف شخص، اختصر."
أجابه أبو العم بأنه لا يريد أن يختصر ولا يمكنكم استغلال رجل عجوز وواهن، وهو ليس صاحب القرار وليس الضحية، وقال إن زوجته لا تريد أن تتنازل عن حقها."
بدأ أبو العم بالصراخ، وسانده شقيقاه ناصر ومحمد. فأمر رئيس الاستخبارات باعتقالهم.
"أحاطني عشرون من العساكر يحملون الدبسات، وبدأوا بشتمي، وتطاولوا عليّ بعبارات قذرة. وضعوا كل واحد منا في غرفة على انفراد. بقيت بالحبس خمس ساعات، وصل الوزير وأرغم والد زوجتي على التوقيع على أوراق بأن الوزير بريء وأنني وزوجتي قمنا بتلفيق التهم له. "
في الساعة الرابعة صباحا، أطلق سراح الأشقاء الثلاثة . وفي الساعة السادسة صباحا، اطلق سراح والد الزوجه، بعد إجباره على توقيع ورقة يقر فيها ببراءة الجاني من جريمته، وأن ابنته وزوجها المسؤولان عن الإيقاع بالوزير.
توجه أبو العم إلى المقاطعة لمقابلة الرئيس، لاطلاعه على كل شيء، فوجد أنه قد غادر إلى الولايات المتحدة.
وفي مساء نفس اليوم، أي في العشرين من الشهر الحالي، توجه أبو العم بصحبة زوجته إلى الأردن.
يقول أبو العم إنه قرر المغادرة إلى الأردن بعد تعرضه لتهديدات بالقتل، من قبل ثلاثة أشخاص أرسلهم الوزير. ويريد أيضا مقابلة الرئيس في الاردن، بعدما تعذر مقابلته في رام الله. يضيف أبو العم بأنه لن يتمكن من مقابلة الرئيس في المقاطعة، لأن الوزير الشيخ يسيطر على الوضع هناك، وهناك من يأتمر بأمره من الحراس والمسئولين في مكتب الرئيس.
غادر الوزير الشيخ رام الله إلى الأردن، وعلم أبو العم من مصادر في السفارة الفلسطينية في عمان أنه يحاول الإلتقاء به ليستمر في مسلسل عروضه . "إنني لا أريد مقابلته وبيني وبينه المحاكم فقط".
وقال: ارتكب الوزير الشيخ جرائم مماثلة ضد عدة فتيات، إحداهن فتاة مسيحية، اغتصبها، وحملت ثم أجهضت الجنين، ودفع لعائلتها ثمانين ألف دولار لقاء سكوتها. وفعلها أيضا عندما مارس الجنس مع زوجة سجين محكوم بالسجن خمسة وعشرين عاما، وقام الأسير بتطليق زوجته، والحركة الأسيرة ستصدر قريبا بيانا ضد الوزير".
هذه الاتهامات يتداولها كثيرون، ويجري دائما حل المشاكل بالترهيب والترغيب، كما يقول أبو العم. يضيف: "إن لم ينصفني الرئيس، لن يكون لي مكان في فلسطين، وسيولد الظلم ثورة".
أما الزوجة فتقول: "لا يحق لوالدها أو عائلتها الحديث بأسمها وانها تريد حقها بالقانون، وإن لم ينصفها القانون، فهذه كارثة لكل فتيات فلسطين، لأن القانون لا يحميهن".
عيش عائلة أبو العم في بيت أحد الأقارب في عمان، في ظروف صعبة على الصعيدين المالي والنفسي، ولم يحصلا على أي دعم من أحد .
يقول أبو العم: "نحن موظفون ولم نتلق اي راتب وعلينا قروض وزوجتي في حالة نفسية شبه منهارة، وتتساءل: ماذا سيجري لنا بعد كل هذا العناء. لقد تعرضت للضغط والتهديد والابتزاز والقمع والاعتداء، وهي تدعو الله أن ينتقم من حسين الشيخ ومرتزقته ولم يقدم أحد لنا مساعدة حتى علبة دواء لزوجتي لتهدئتها. لم يقل لنا أحد: ماذا ينقصكم ؟ وما هي احتياجاتكم ؟ وأقول: لا حول ولا قوة إلا بالله".
أبو العم مطلوب لحسين الشيخ وعشيرته ويقول : "ثمن ديتي جاهز، وهم يريدون قتلي". يضيف: "الوزير لديه أعوان في جهاز الاستخبارات وفي التنظيم، وهم يريدون النيل مني".
أُبلغ أبو العم وزوجته هذا الصباح برسالة إلكترونية مقتضبة بأن وزارة الشؤون المدنية تنظر في أمر فصلهما لغيابهما عن العمل منذ أكثر من عشرة أيام.