أحببت دوما أن يكون المنطق والعقل هو ما يوسم به كل أو معظم ما أكتب،مع اعتقادي بأن العاطفة من المكونات الأساسية للإنسان،وعاطفة بلا عقل ومنطق لا تنفع المرء ،والعكس صحيح تماما...وبعاطفة الغضب والألم للمحرقة التي تجري في قطاع غزة،وبالمنطق والعقل الذي أصبح متعبا ومرهقا من توالي الأحداث وحجم الدمار،لكنه وبفضل الله ما زال يعمل أقول وعلى الله التوكل
إن الإسلام ودعوته في خطر وهذا الدين هو المستهدف من هذه الحملة،وقرينة ذلك أنهم يقصفون بيوت الله بصواريخ الطائرات الأمريكية المحملة بالقنابل التي حصلوا عليها من عصابة المحافظين الجدد في واشنطن؛ولأنهم يعرفون أن القضاء على الإسلام كعقيدة ودين أمر مستحيل-من تجاربهم منذ قرون طويلة- فقد قرروا أن يكون إسلامنا على مقاسهم ووفق أطماعهم ورغباتهم؛إسلام مظهر لا جوهر،يختلف في هدفه عمّا جاء به محمد صلوات الله عليه وسلامه،إسلام ننشغل فيه بالفروع ونغفل عن الأصول،وننخرط بوعي أو بلا وعي في جدالات عقيمة مذهبية أو فكرية تحرفنا عن الصراط المستقيم،وتتيح لهم تنفيذ مخططاتهم المعروفة!
وبالتوازي أو تاليا للهدف المذكور أولا بإيجاد إسلام على مقاسهم ،فهم يريدون وقد كادوا كيدهم وسعوا سعيهم أن يدخلوا في مراسيم تصفية القضية الفلسطينية تماما،وسط تواطؤ عربي وفلسطيني ،مع الأسف،وبغطاء ودعم أمريكي وغربي،فهم يسعون إلى حرق غزة واستئصال حركة حماس منها عسكريا وسياسيا ،وبعد ذلك وبسهولة سيقضون على جيوب وفصائل المقاومة الأخرى،لترتيب الوضع في القطاع كما رتب في الضفة الغربية،كي نذهب إلى حفل توقيع استسلام سيطلقون عليه «اتفاق سلام» يشطب حق اللاجئين في العودة،ويختزل القدس في أبو ديس أو رام الله أو غيرها ،ويبقي على الكتل الاستيطانية ،بل قد يستمرون بعد تصفية مقاومة غزة في التفاوض سنوات قبل أن يركلوا من يؤمن بإمكانية التعايش معهم بعيدا،وينتقلون لمرحلة تفريغ الأرض بشكل جماعي،وقد أمنوا على أنفسهم بعد أن تنطفئ جذوة المقاومة...هذا مكرهم وعند الله مكرهم،ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين،ولطالما خططوا وفشلوا،وأحيانا كثيرة خططوا ونفذوا ونجحوا،فليس نجاحهم من المسلمات كما يظن البعض،ويكتب كتّاب هنا وهناك عن ذلك،بحسن أو بسوء نية،وعوامل فشل المخطط كثيرة ومتعددة تحتاج إلى مراكمة وحكمة وتوظيف من قبل المقاومة.
وهنا أخص المجاهدين وقوى المقاومة،خاصة حركة حماس المطلوب رأسها من هذه المحرقة،أو استسلامها ،كما يعلنون،أخصهم بالقول:إياكم إياكم أن تعودوا لهدنة مذلة مهينة،وعليكم بالتوكل على الله والتوجه له بالدعاء «اللهم سدد الرمي وثبت الأقدام» ،وخذوا بالأسباب المادية كلها،وعليكم أن تعتبروا أنكم من الآن ستقودون الأمة التي تصرخ وتدعو لكم في كل مكان على سطح الأرض،فأنتم قادتها وطليعتها،وهنا –وبالمنطق- عليكم أن تدركوا أنكم أنتم القادرون على إحداث الاختراق واجتراح آليات الصراع في المرحلة الحالية والقادمة بشكل أساسي؛فالتظاهرات وحملات الدعم الشعبي دورها الآن معنوي أكثر منه مادي،فكل واحد منكم عليه أن يدرك أنه وإخوته في المعركة وحدهم،والأمر يعتمد على ما سيتحقق على الأرض هنا،أما الأمة فعاطفتها معكم وأكفها تدعو الله لكم،وقد ترسل لكم بعض المساعدات،ولكن أنتم وحدكم تقاتلون ،فالملايين التي تصرخ تضامنا معكم غير قادرة على أن تكون معكم في الميدان،ولهذا أرجو أن تركزوا في مهماتكم على الأرض ولا تشغلوا بالكم فيما هو خارج هذه الدائرة في هذه المرحلة...ومن جهة أخرى أذكركم أنه قبل ساعات من قيام الصحفي العراقي «منتظر الزيدي» فرج الله كربته،بقذف المجرم بوش بفردتي حذائه،كان هناك مهرجان انطلاقة حماس في مدينة غزة (14/12/2008م) حيث صرخ الأستاذ إسماعيل هنية :«سقطت يا بوش ولم تسقط حركتنا...» هل هذه صدفة؟لا والله،فالكون مسيّر بنواميس وضعها الله سبحانه وتعالى،ولا مجال للصدفة فيها،فاعلموا أن العالم يتغير وأن الزمن لم يعد زمنهم!
ولقوى الأمن والشرطة الغزاوية أقول أولا: رحم الله شهداءكم من قائدكم الشهيد اللواء «توفيق جبر» وحتى أصغر فرد أو عنصر ،فهذه الدماء طهارة للأمة بأسرها،وهي شهادة ستفاخرون بها حتى تقوم الساعة،والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم،ثانيا:أنا شخصيا وجهت لكم انتقادات أعرف أنها كانت أحيانا قاسية،ولكنها كانت منطقية ،ومن باب «الدين النصيحة» وليقيني التام بأنكم ستدرسون انتقاداتي بعقل مفتوح واع وذكي،ولثقتي بأن أحد أسباب نجاح حركة حماس هو أنها تراجع خطواتها وتصوّب أخطاءها وتراكم نجاحاتها وتحافظ عليها،وتستمع للنصائح وتعمل بالنافع منها،ولم يغب عن ذهني وأنا أنتقدكم أو أسدي لكم النصيحة بأنكم بشر تأكلون الطعام وتمشون في الأسواق ومن الطبيعي أن يكون هناك أخطاء،وهذا يقودني لأقول لكم يا أفراد وضباط وقيادة الشرطة:الشهداء يرحمهم الله ،والمباني يعاد بناؤها طال الزمان أو قصر،ولكنكم اليوم في خضم معركة كبيرة وأمام امتحان صعب،وقد زلزلتم زلزالا كبيرا؛فاليوم مطلوب منكم أكثر من أي وقت مضى حفظ الأمن،لأنه قد يكون من ضمن أهداف المحرقة الصهيونية إحداث حالة بلبلة وفلتان أمني في قطاع غزة؛فربما يراهنون على «صوملة» أو ما شابه ،وبالتأكيد هناك من يساعدهم على الأرض بشكل مباشر أو غير مباشر ؛فالحذر الحذر ،والحزم الحزم،ولا تأخذنكم رأفة ولا شفقة بمن يحاول أن يعيد الفوضى أو ينشر الفساد،وعليكم أيضا أن تضربوا بيد من حديد على يد كل تاجر يرفع الأسعار وديدنه الاحتكار،الوضع لا يحتمل أي خطأ مهما كان صغيرا فاضربوا وبكل قسوة على يد بل على رأس كل من يسعى للفوضى أو الفتنة أو يظن أن «الأوان» قد آن!
و لعناصر و كوادر حركة فتح في الضفة الغربية أقول:أعلم بأن كلامي غير مرحب به لديكم ،وأنني بت عندكم من المغضوب عليهم أو الضالين ،ولو وجد من بينكم من يسمع لقولي فهو إما ممن لا حول له ولا قوة في حركتكم،أو ممن يعتبر كلامي فقاعات هوائية أو دغدغة عواطف لا طائل منها،ورغم ذلك أذكركم بأنه كان هناك مستوى قيادي في حركتكم رفض ما ذهبت نحوه بعض مجاميعكم للمشاركة وبفاعلية في انتفاضة الأقصى؛والآن فإن الكل يؤكد بأنه لولا انخراطكم ومشاركتكم الفعالة في انتفاضة الأقصى لأصبحتم خارج التاريخ،وربما خارج الجغرافيا؛ومن المعيب بحقكم كأشخاص وكحركة لا تزال تفاخر بالبطولة والنضال والصمود ،وتتغنى بحصار بيروت،وترفع صور الشهداء الفتحاويين الذي سطروا ملاحم البطولة،من المعيب بل من العار والشنار أن تخرج أصوات تظهر التشفي بما يجري من محرقة،وأن تظهر في بعض المواقع الإلكترونية،التي أعلم أنكم عموما ترفضون ما يكتب بها ولكنكم لا ترفعون عنها الغطاء التنظيمي،مشاركات أو مقالات تشتم الشهداء،وتصفق وتفرك اليدين استعدادا لما يسميه كتبتها «عودة الشرعية» للقطاع،أو أن يصدر كلام مشابه على لسان هذا المسئول أو ذاك،وبصراحة عليكم أن تفكروا مليا بعيدا عن أي أحقاد:ماذا لو عادت سلطة فتح إلى غزة بعد تدميرها من الاحتلال؟تراهنون على أن الناس سينسون وسينشغلون بالمال السياسي،أو ستنطلي عليهم فكرة «ملء الفراغ»،ولكن هذا رهان خاسر،ومكسب مؤقت يتبعه خسران مبين؛ولقد رفض عرفات وبكلام صريح أن يكون «كرزاي فلسطين» ومن ناحية أخرى فإن طالبان لم تنتهي وكرزاي يحزم أمتعته مذعورا مخافة أن يلحق بنجيب الله،وأمر آخر لا بد من الإشارة إليه لأنه يتردد على لسان معظم قادتكم وهو قصة المحور الإيراني-السوري-القطري وهناك رفض مطلق منكم لأي تفكير بعيدا عن هذا الفرز،ولكي لا أضيع الوقت في نقاش لن تقتنعوا به؛فهل أنتم في محور سيحقق لحركتم ولشعبكم أدنى الحقوق؟ها هو عام 2008 يغادرنا بلا إقامة الدولة الموعودة،وبمحرقة في غزة،وبذل وهوان واستيطان وتهويد للقدس في الضفة،و سأفترض جدلا أن ما تقولونه عن المحور الإيراني وحلفائه –حسب تصنيفكم- صحيح وبأنهم شرّ من وطئ الحصى،فهل يا إخوة سعد صايل وخليل الوزير ستتحقق أمنيات الشعب ونستعيد القدس ونقيم الدولة المستقلة إذا أفقنا صباحا ووجدنا إيران وسوريا وقطر ومن حالفهم قد تبخروا؟ومن أين أتت فكرة أو معادلة «كسر حماس يساوي مجدا ونصرا لفتح»؟هذه معادلة ليست صحيحة،بل إن الإضرار بحماس ينعكس سلبا على فتح أكثر من أي فصيل آخر،فكروا فلن تخسروا شيئا بالتفكير،وأذكركم بأن هناك مستويات قيادية منكم قالت مرارا بأن حركة فتح تتعرض لمؤامرة دولية كبرى،وأنا أؤكد بأنه إذا لم يكن هناك رفض مطلق وصريح بالفعل لا بالقول لفكرة العودة إلى غزة على ظهر الدبابات الصهيونية فإن المؤامرة تكون قد تحققت ولا مجال للتراجع ،ولات حين مندم!
وعودة إلى المجاهدين القابضين على الجمر،الحاملين لهمّ الأمة،فإنني أتوجه إلى الله بالدعاء بأن ينصركم،وأتضرع له بأن يحفظكم أنا وملايين المسلمين،وأضيف لدعائي:اللهم إن يهزم وينكسر المجاهدون في غزة فلن تعبد في فلسطين أبدا!
إنكم اليوم أمام بدر جديدة ،وأمام حصار الأحزاب الجديد ،وثقوا بالله فلن يضيعكم،واعلموا بأنه يشرفني ويشرف الكثير مثلي أن نقبّل الأرض تحت أقدامكم،بل أفخر إذا سمحتم لي بأن ألمع بساطيركم العسكرية التي بخطواتها نخرج من الذلة إلى العزة،ومن الظلام إلى النور،ولا أقول هذا مجازا بل أعنيه حقا...سيروا والله معكم ولن يتركم أعمالكم ،وسيهديكم ويصلح بالكم ،فمن كان الله معه فما يضيره لو أن كل الناس ضده؟تذكروا حين تدفنون شهداءكم ،وحين تنظرون حولكم فلا تجدون إلا الموت والخراب والحصار قول الله تعالى:-
{وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً }النساء104
ترجون جنة عرضها السماوات والأرض،ترجون استعادة أرضكم التي نهبها لصوص قتلة لا يمتون لحضارتها وتاريخها بصلة،ترجون إقامة صلواتكم في مساجدكم آمنين،ترجون أن يكون دمكم جسرا تسير فوقه الأمة نحو الحرية والكرامة....وهم يرجون تحقيق مكاسب لأحزابهم القاتلة سواء لفني أو باراك أو أولمرت،ويرجون إقامة حكومة 17 أيار فلسطينية،ويرجون قتل الأطفال والنساء وهدم المساجد والجامعات...فاللهم إن هذا حالنا يغنيك عن مقالنا ،ففريق حق وإيمان لا باطل ولا نفاق فيه، وفريق ظلم وكفر لا عدل فيه ولا إيمان،...فاللهم نصرك الذي وعدت...اللهم نصرك الذي وعدت...اللهم نصرا كيوم بدر والأحزاب..اللهم نصرا كالذي ناله المجاهدون في لبنان...اللهم أنت ارحم بنا من أنفسنا...وكرمك وجودك لا يحيط به أحد من خلقك،فمنّ يا ربنا علينا بنصر مبين...اللهم آمين، وصلّ اللهم على سيدنا محمد وآله الأطهار وصحبه الأخيار.
،،،،،،،،،،،
سري عبد الفتاح سمور
قرية أم الشوف المدمرة قضاء مدينة حيفا المحتلة
حاليا:جنين-فلسطين المحتلة
(اليوم الرابع للمحرقة)-الثلاثاء 2 محرم الحرام 1429هـ - 30/12/2008م
بريد إلكتروني:-
sari_sammour@yahoo.com
s_sammour@hotmail.com
sari_sammour@maktoob.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق