المراسل العسكري للصحيفة
حرب لبنان الثانية أديرت بشكل سيء، ولكنها انتهت بتسوية معقولة. حملة "رصاص مصهور" اديرت بشكل جيد وانتهت بشكل سيء: بدون أي تسوية. هكذا بحيث أنه اليوم، بعد شهر ونصف من حملة "رصاص مصهور" في الجيش ايضا ينظرون بعيون تعبة كيف تذوب انجازات الحملة العسكرية في غزة وكأننا لم نكن هناك.
حماس تنتعش، تنهض على قدميها، وصواريخ القسام تعود للطيران نحو اسرائيل مثلما كان من قبل، وعندنا حكومة عاجزة ترفض اتخاذ القرار، تدور عيونها نحو السماء وتنتظر المعجزة: قد يتوقف هذا لوحده. شلل شامل ألم بالقيادة السياسية. ليس فقط شلل بل وبكم. وزراؤنا حتى كفوا عن تهديد حماس.
ليس لهذه الحكومة أي مفهوم عما تريد تحقيقه في قطاع غزة. فهي لا تعرف اذا كانت تريد وقف النار من خلال استخدام القوة، هي لا تعرف اذا كانت تريد وقف النار بترتيب، هي ادخلت نفسها الى متاهة وربطت صفقة شليت بالترتيب حيال حماس ولكنها لا تعرف كيف تنهي صفقة شليت. ولما كانت تعوزها السياسة، فانها لا تنزل الى الجيش ايضا التعليمات التي تسمح له بان يعد خطة جوهرية كي يتصدى لاستئناف نار الصواريخ. باختصار: ينتظرون بيبي. فليحطم هو رأسه.
ولكن على الارض لا يوجد فراغ. المعابر مغلقة، لا يوجد ترتيب، لا يوجد ثمن كبير لقاء استمرار المس باسرائيل، وعليه فان حماس ستصعد النار. المشاكل التي تهملها لا تختفي. بل تتفاهم فقط. الترتيب حيال حماس كان السبيل الطبيعي لتثبيت انجازات الخطوة العسكرية واحلال وقف للنار على بلدات الجنوب. ولكن رئيس الوزراء قرر: شليت، وقف النار والمعابر كله سيسير معا. بدون شليت لا ترتيب.
غير أنه في موضوع شليت لا يتحرك شيء. عوفر ديكل سافر الى مصر وعاد من هناك دون بشرى. حماس لم ترد على القائمة التي نقلتها اليها اسرائيل، لم تخفف في هذه الاثناء من حدة موقفها، والطريق لا يزال طويلا. إذن لا شليت، لا ترتيب وتوجد صواريخ قسام.
منطق حملة "رصاص مصهور" كان يتكون من خطوتين. الخطوة الاولى: ضربة شديدة جدا لحماس واستئناف الردع. الخطوة الثانية: حشر حماس في الزاوية بحيث تكون متعلقة بك، انت تمسك بلبابها ولا تخفف شدة يدك عنها الى أن تطلب التوصل الى تسوية تكون مريحة لك. الخطوة الثانية كان يفترض بها ان تتم في محور التهريب، الذي هو ايضا محور حياة منظمة حماس. "اغلاق الصنبور" لها في جنوب القطاع. هذا لم يحصل. القيادة السياسية اكتفت بالخطوة الاولى.
في هذا الوضع كان يفترض بالقيادة السياسية أن توجه الجيش الاسرائيلي لتعزيز الردع وعدم منح العدو الفرصة للنهوض من الارض الى أن يتحقق الترتيب. وبالفعل في الخطابة تحدث زعماؤنا بانه اذا ما تجرأت حماس على اطلاق قسام واحد بعد الانسحاب، فسنفجرها. عندها مثلما في العام 2000، بعد الخروج من لبنان، ومثلما في 2005، بعد الخروج من غزة، هكذا ايضا في 2009: نثرنا التهديدات العابثة الى كل صوب.
في البداية، عندما اطلقت حماس النار كانت تعتذر وتشرح بان هذا ليس منها. اما الان فلم تعد تعتذر. تطلق النار. حماس هي التي تشرح لنا: اذا لم تفتحوا المعابر – مع او بدون ترتيب – فسنشطب كل ما يخيل لكم انكم حققتموه.
في ظل عدم وجود ترتيب، فان الرد الطبيعي للجيش على نار القسام كان ينبغي له أن يأتي في سلسلة ضربات أليمة لتعزيز الردع: بدء باعمال الاحباط المركز، عبر الضرب الجوي لاهداف معروفة في القطاع وانتهاء بنشاط بري محدود. ولكن ما حصلنا عليه بدلا من ذلك كانت هجمات جوية على الانفاق بهدف التظاهر بالعمل فقط. خدعة اسرائيلية لتهدئة الرأي العام. وبدلا من أن يعلن رئيس الوزراء، وزير الدفاع او احد ما بان اسرائيل تستعد لتنفيذ "رصاص مصهور 2" تعنى القيادة السياسية بتحزيم الامتعة وبالاعيب البقاء السياسي. بالذات لدى الفلسطينيين تبدو حكومة الوحدة اقرب من أي وقت مضى. في القاهرة تشكلت خمس لجان مشتركة لحماس وفتح. الثرثرة في اروقة المفاوضات تتحدث عن ان الطرفين اتفقا على ان يكون سلام فياض هو رئيس حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية. باختصار، حماس تقترب بخطوات هائلة نحو 3 مليار دولار تعتزم الدول المانحة دفعها نحو قطاع غزة.
في اللحظة التي تضع يدها على هذا المال، فاننا لن نكون حقا نسيطر على المعابر. فالعالم سيرغب في أن يرى تدفق البضائع ومواد البناء الى القطاع. والا فان اسرائيل ستفقد ايضا روافع الضغط للترتيب وكذا روافع الضغط لاعادة شليت بثمن محتمل. وعندها بالفعل ستلقى بانجازات "رصاص مصهور" الى القمامة.
امس اطلقت الجهاد صاروخا ظهر من قبل في مطارحنا – بقطر 175ملم. غير أن هذه المرة اكتشفنا بان لدى هذا الصاروخ القدرة على اختراق تحصين المدارس في غلاف غزة بحيث أن الوضع آخذ في التفاقم فقط. الجيش ينتظر الاوامر. فقد اثبت نفسه في "رصاص مصهور". لديه ردود عسكرية، اذا ما احتاج الى استخدامها، على نار القسام الحالية. ولكن ليس هناك من يقرر وليس هناك من يصدر الاوامر.
حرب لبنان الثانية أديرت بشكل سيء، ولكنها انتهت بتسوية معقولة. حملة "رصاص مصهور" اديرت بشكل جيد وانتهت بشكل سيء: بدون أي تسوية. هكذا بحيث أنه اليوم، بعد شهر ونصف من حملة "رصاص مصهور" في الجيش ايضا ينظرون بعيون تعبة كيف تذوب انجازات الحملة العسكرية في غزة وكأننا لم نكن هناك.
حماس تنتعش، تنهض على قدميها، وصواريخ القسام تعود للطيران نحو اسرائيل مثلما كان من قبل، وعندنا حكومة عاجزة ترفض اتخاذ القرار، تدور عيونها نحو السماء وتنتظر المعجزة: قد يتوقف هذا لوحده. شلل شامل ألم بالقيادة السياسية. ليس فقط شلل بل وبكم. وزراؤنا حتى كفوا عن تهديد حماس.
ليس لهذه الحكومة أي مفهوم عما تريد تحقيقه في قطاع غزة. فهي لا تعرف اذا كانت تريد وقف النار من خلال استخدام القوة، هي لا تعرف اذا كانت تريد وقف النار بترتيب، هي ادخلت نفسها الى متاهة وربطت صفقة شليت بالترتيب حيال حماس ولكنها لا تعرف كيف تنهي صفقة شليت. ولما كانت تعوزها السياسة، فانها لا تنزل الى الجيش ايضا التعليمات التي تسمح له بان يعد خطة جوهرية كي يتصدى لاستئناف نار الصواريخ. باختصار: ينتظرون بيبي. فليحطم هو رأسه.
ولكن على الارض لا يوجد فراغ. المعابر مغلقة، لا يوجد ترتيب، لا يوجد ثمن كبير لقاء استمرار المس باسرائيل، وعليه فان حماس ستصعد النار. المشاكل التي تهملها لا تختفي. بل تتفاهم فقط. الترتيب حيال حماس كان السبيل الطبيعي لتثبيت انجازات الخطوة العسكرية واحلال وقف للنار على بلدات الجنوب. ولكن رئيس الوزراء قرر: شليت، وقف النار والمعابر كله سيسير معا. بدون شليت لا ترتيب.
غير أنه في موضوع شليت لا يتحرك شيء. عوفر ديكل سافر الى مصر وعاد من هناك دون بشرى. حماس لم ترد على القائمة التي نقلتها اليها اسرائيل، لم تخفف في هذه الاثناء من حدة موقفها، والطريق لا يزال طويلا. إذن لا شليت، لا ترتيب وتوجد صواريخ قسام.
منطق حملة "رصاص مصهور" كان يتكون من خطوتين. الخطوة الاولى: ضربة شديدة جدا لحماس واستئناف الردع. الخطوة الثانية: حشر حماس في الزاوية بحيث تكون متعلقة بك، انت تمسك بلبابها ولا تخفف شدة يدك عنها الى أن تطلب التوصل الى تسوية تكون مريحة لك. الخطوة الثانية كان يفترض بها ان تتم في محور التهريب، الذي هو ايضا محور حياة منظمة حماس. "اغلاق الصنبور" لها في جنوب القطاع. هذا لم يحصل. القيادة السياسية اكتفت بالخطوة الاولى.
في هذا الوضع كان يفترض بالقيادة السياسية أن توجه الجيش الاسرائيلي لتعزيز الردع وعدم منح العدو الفرصة للنهوض من الارض الى أن يتحقق الترتيب. وبالفعل في الخطابة تحدث زعماؤنا بانه اذا ما تجرأت حماس على اطلاق قسام واحد بعد الانسحاب، فسنفجرها. عندها مثلما في العام 2000، بعد الخروج من لبنان، ومثلما في 2005، بعد الخروج من غزة، هكذا ايضا في 2009: نثرنا التهديدات العابثة الى كل صوب.
في البداية، عندما اطلقت حماس النار كانت تعتذر وتشرح بان هذا ليس منها. اما الان فلم تعد تعتذر. تطلق النار. حماس هي التي تشرح لنا: اذا لم تفتحوا المعابر – مع او بدون ترتيب – فسنشطب كل ما يخيل لكم انكم حققتموه.
في ظل عدم وجود ترتيب، فان الرد الطبيعي للجيش على نار القسام كان ينبغي له أن يأتي في سلسلة ضربات أليمة لتعزيز الردع: بدء باعمال الاحباط المركز، عبر الضرب الجوي لاهداف معروفة في القطاع وانتهاء بنشاط بري محدود. ولكن ما حصلنا عليه بدلا من ذلك كانت هجمات جوية على الانفاق بهدف التظاهر بالعمل فقط. خدعة اسرائيلية لتهدئة الرأي العام. وبدلا من أن يعلن رئيس الوزراء، وزير الدفاع او احد ما بان اسرائيل تستعد لتنفيذ "رصاص مصهور 2" تعنى القيادة السياسية بتحزيم الامتعة وبالاعيب البقاء السياسي. بالذات لدى الفلسطينيين تبدو حكومة الوحدة اقرب من أي وقت مضى. في القاهرة تشكلت خمس لجان مشتركة لحماس وفتح. الثرثرة في اروقة المفاوضات تتحدث عن ان الطرفين اتفقا على ان يكون سلام فياض هو رئيس حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية. باختصار، حماس تقترب بخطوات هائلة نحو 3 مليار دولار تعتزم الدول المانحة دفعها نحو قطاع غزة.
في اللحظة التي تضع يدها على هذا المال، فاننا لن نكون حقا نسيطر على المعابر. فالعالم سيرغب في أن يرى تدفق البضائع ومواد البناء الى القطاع. والا فان اسرائيل ستفقد ايضا روافع الضغط للترتيب وكذا روافع الضغط لاعادة شليت بثمن محتمل. وعندها بالفعل ستلقى بانجازات "رصاص مصهور" الى القمامة.
امس اطلقت الجهاد صاروخا ظهر من قبل في مطارحنا – بقطر 175ملم. غير أن هذه المرة اكتشفنا بان لدى هذا الصاروخ القدرة على اختراق تحصين المدارس في غلاف غزة بحيث أن الوضع آخذ في التفاقم فقط. الجيش ينتظر الاوامر. فقد اثبت نفسه في "رصاص مصهور". لديه ردود عسكرية، اذا ما احتاج الى استخدامها، على نار القسام الحالية. ولكن ليس هناك من يقرر وليس هناك من يصدر الاوامر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق