تشهد العاصمة الأمريكية واشنطن حالياً فعاليات المؤتمر السياسي السنوي الخاص بمنظمة الإيباك (لجنة الشؤون العامة الأمريكية - الإسرائيلية). وقد درج المؤتمر على لعب دور بارز في تشكيل الملامح والخطوط العامة لتوجهات العلاقة الأمريكية – الإسرائيلية التي تصفها الدوائر الرسمية وغير الرسمية بأنها "علاقة خاصة".
* ماذا تقول المعلومات؟
بدأت يوم أمس الأحد فعاليات مؤتمر الإيباك وأشارت المصادر إلى أن عدد المشاركين في المؤتمر قد بلغ 6000 شخص، وأكدت التقارير الإعلامية أن المؤتمر يمثل أحد أكبر عشرة وقائع جرت على مدار العام في العاصمة واشنطن.سيشارك الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز بتقديم خطاب أمام المؤتمر أما رئيس الوزراء نتينياهو فسيخاطب المؤتمر عبر الأقمار الصناعية من إسرائيل.
درج المسؤولون الأمريكيون على المشاركة في المؤتمر على مستوى الرئيس الأمريكي ونائبه ووزراء الخارجية والدفاع ولكن ما كان لافتاً هذه المرة هو عدم مشاركة الرئيس الأمريكي أوباما ولا وزيرة خارجيته كلينتون، واكتفت الإدارة الأمريكية بإرسال رام إيمانويل رئيس هيئة موظفي البيت الأبيض ليكون ممثلاً لها في المؤتمر. والشيء ذاته يمكن ملاحظته مع أعضاء الكونغرس المشاركين في المؤتمر حيث لوحظ غياب كبير لشخصيات كنانسي بيلوزي رئيسة مجلس النواب وجو بايدن رئيس مجلس الشيوخ.
* ماذا يحمل جدول أعمال مؤتمر الإيباك؟
على أساس اعتبارات الوضع الراهن نلاحظ أن المؤتمر الحالي سيتزامن مع الوقائع التالية:
• صعود إدارة ديمقراطية تتبنى مذهبية التدخل بالوسائل الدبلوماسية والاقتصادية بدلاً عن الإدارة الجمهورية السابقة التي كانت تتبنى مذهبية التدخل بالوسائل العسكرية – الأمنية.
• صعود حكومة إسرائيلية جديدة يتزعمها تحالف الليكود – كاديما بدلاً عن حكومة كاديما السابقة وبرغم اختلاف الحكومتين فإن حكومة الليكود – كاديما تعتبر الأكثر تشدداً.على هذه الخلفية برزت جينات الاختلاف بين الحكومة الإسرائيلية الجديدة والإدارة الأمريكية الجديدة إزاء كيفية التعامل مع قضايا الشرق الأوسط، وعلى الجانب الآخر برزت مساعي عناصر اللوبي الإسرائيلي التي حاولت وما تزال تحاول إدارة دفة العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية بعيداً عن نقطة الصدام والخلاف وفقاً لاستخدام منهجية إعادة ترتيب الأولويات بحيث يصبح ملف الخطر الإيراني متصدراً لقائمة أجندة جدول أعمال علاقات خط واشنطن – تل أبيب ودفع ملفات الشرق الأوسط إلى ذيل القائمة.
جاء مؤتمر الإيباك الحالي ليؤكد على الدفع باتجاه استراتيجية إعادة الترتيب الوقائي لجدول أعمال علاقات خط واشنطن – تل أبيب وركزت كل مداخلات لجان العمل على هذه الحقيقة ومن أبرز المداخلات التي جرت حتى الآن نشير إلى:
أولاً: مداخلة البروفيسور الإسرائيلي ميشيل عورين: الذي يعتبر من كبار المؤرخين المعاصرين وتقول المعلومات بأن عورين تمت تسميته بواسطة حكومة نتينياهو لتولي منصب السفير الإسرائيلي في الولايات المتحدة وقدم عورين أمام إحدى لجان الإيباك محاضرة حملت عنوان «إسرائيل والسلام البارد مع مصر والأردن» كان من أبرز ما أشار إليه فيها ما يلي:
• أن إسرائيل سوف لن تسمح لإيران بالحصول على الأسلحة النووية.
• إن إسرائيل سوف لن تبقى سلبية إزاء النظام الإيراني الذي هدد بإزالة إسرائيل من خارطة العالم.
ثانياً: مداخلة إفرايم سنيج:
الذي كان يتولى منصب نائب وير الدفاع الإسرائيلي السابق الذي أشار في مداخلته إلى النقاط الآتية:
• إن الوقت بدأ ينفذ إزاء البرنامج النووي الإيراني.
• إن ما هو متوافر أمام إسرائيل من معلومات حول البرنامج النووي الإيراني يؤكد أن الوقت الفاصل لاتخاذ القرار الحاسم هو: الآن.
• إن إسرائيل تملك الحل العملياتي لأزمة البرنامج النووي الإيراني.
• إن إسرائيل تستطيع أن تنفذ هذا الحل وحدها ودون أن تأخذ الإذن من أحد أو الدعم من أي بلد.
• إن إسرائيل تدرك أن أي عمل عسكري ضد إيران سيترتب عليه انتقام عسكري إيراني وبالتالي فإن إسرائيل ترى أن يكون اللجوء إلى العمل العسكري ضد إيران بمثابة الملاذ الأخير.
• العمل العسكري ضد إيران هو الحل الأفضل من خيار السماح لها بالحصول على الأسلحة النووية.
• إن السماح لإيران بالحصول على السلاح النووي هو أمر سيؤدي إلى جعل إسرائيل تواجه المزيد من المخاطر التي يتمثل أبرزها في:
- خطر توقف هجرة اليهود إلى إسرائيل.
- خطر خروج اليهود من إسرائيل.
- خطر انخفاض الاستثمارات في إسرائيل.
- خطر تحويل المعتدلين العرب إلى متطرفين.
- خطر جعل صفقة السلام مع سوريا غير ممكنة.
- خطر تزايد تطرف المتشددين بسبب إحساسهم بدعم القدرات النووية الإيرانية.
- خطر مواجهة إسرائيل للمزيد من القيود والمحددات في حريتها في اتخاذ القرارات الحاسمة.
- خطر صعود وتائر عملية سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط، فالسعودية على سبيل المثال عقدت صفقة مع باكستان لتزويد السعودية بالقدرات العسكرية النووية متى ما حصلت إيران على القدرات النووية.
• إن الصين وروسيا إن قررتا وقف التعاون مع إيران فإن قراراتهما لن تكون كافية طالما أن إيران لديها الكثير من الخيارات البديلة التي تتيح لها الحصول على مدخلات بناء القدرات النووية.
* ما هي أجندة الإيباك الجديدة؟
تشير المعلومات إلى أن مؤتمر الإيباك الحالي يتزامن مع قيام الإيباك بتحركات واسعة داخل الكونغرس الأمريكي وذلك للتوسط من أجل دعم التشريعات الآتية:
• دعم إصدار قانون تشديد العقوبات ضد إيران، ووفقاً لآخر المعلومات الصادرة اليوم فقد حصلت عريضة الإيباك على توقيع 8 أعضاء في مجلس النواب و31 عضواً في مجلس الشيوخ.
• دعم إصدار قانون الحد من الاستثمار من إيران، ووفقاً لآخر المعلومات الصادرة اليوم فقد حصلت عريضة الإيباك على توقيع 142 عضواً في مجلس النواب فيما لم يتم تمرير العريضة إلى مجلس الشيوخ.إضافة لذلك تتضمن تحركات الإيباك حث وتحريض أعضاء الكونغرس الأمريكي للتوقيع على خطاب يطالب الرئيس الأمريكي بإعادة التأكيد على مبادئ عملية السلام في الشرق الأوسط بما يلزم الإدارة الأمريكية بالتقيد بالمبادئ الآتية:
• عدم تقديم أي معونات لأي سلطة فلسطينية تشترك فيها أطراف ترفض الاعتراف بإسرائيل.
• تقديم المساعدات اللازمة لقيام إسرائيل بإنجاز السلام مع جيرانها بما يعزز منظور السلام الإسرائيلي.
• تعزيز قدرة إسرائيل في تطوير علاقاتها مع الأردن ومصر وفقاً لما تراه إسرائيل ضرورياً.
• تشديد الضغط الأمريكي على الأطراف العربية لتعمل من أجل مساعدة إسرائيل في إقامة السلام.عموماً، وإن كانت حملة الإيباك وما سيتمخض عن جدول أعمال مؤتمرها السنوي فقد أتت جميعها في وقت صعب وفقاً للاعتبارات المتعلقة بصعود الحكومة الأمريكية الجديدة وصعود الحكومة الإسرائيلية الجديدة فإن حملة الإيباك لا يمكن الاستهانة بها بسبب القدرات والمهارات التنظيمية والإمكانيات المالية والإعلامية المتوافرة حالياً قيد استخدام منظمات اللوبي الإسرائيلي.
وبالتالي فمن المتوقع أن تشهد تجاوباً أمريكياً محدوداً لجهة احتمالات قيام البيت الأبيض بمحاولات المضي قدماً في تشديد العقوبات ضد إيران وفي الوقت نفسه إبطاء وتائر السلام في الشرق الأوسط، ولكن برغم ذلك تجدر الإشارة إلى تعليق وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتز الذي قال فيه أن القيام بأي عملية عسكرية سوف لن يحقق النجاح المطلوب في القضاء على البرنامج النووي الإيراني وتجدر الإشارة إلى أن تعليق غيتز قد تزامن مع المعلومات والتقارير التي تطرقت إلى المناورات العسكرية الإسرائيلية في جبل طارق والتصريحات التركية الساخنة التي أكدت بشكل قاطع أن تركيا سوف لن تتردد في إسقاط أي طائرة حربية تحاول ضرب إيران عبر المجال الجوي التركي!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق