5/5/2009
العيون مفتوحة على مصرعيها ولكنها في الواقع مغلقة بشدة – على هذا النحو ايضا يمكن وصف الظاهرة الانسانية التي تعرف باسم التنكر. الذين يكررون شعار "الدولتين للشعبين" وكأنه صيغة سحرية ستداوي كل امراض الشرق الاوسط، مصابون باضطراب السلوك الاستحواذي الذي لا يقود الى اي مكان ويحول دون التحليل المنطقي للمشكلة. في المقابل من يتميزون بالشجاعة المطلوبة للتخلص من هذا الاستحواذ وتدارس المشاكل التي تثقل كاهل اسرائيل والفلسطينيين بوضوح سيرى امام عينيه الصورة التالية:1. الفلسطينيون يشكلون 20 في المائة من مجموع سكان دولة اسرائيل.2. الفلسطينيون يشكلون 70 في المائة من مجموع سكان الاردن.3. قطاع غزة الذي يحتوي على سكان فلسطينيين فقط خاضع لسيطرة حماس – التنظيم الارهابي المدعوم من قبل ايران ويعتبر ابادة اسرائيل الحل الوجيد للمشكلة الفلسطينية.4. في يهودا والسامرة المنطقة المسماة في العادة بصورة غير ملائمة الضفة الغربية، تسعون في المائة من السكان هم فلسطينيون و 10 في المائة هم يهود. السيطرة هناك بالاساس بيد الجيش الاسرائيلي بالتعاون مع السلطة الفلسطينية غير القادرة على اداء دورها.5. المناطق "الفلسطينية"، الضفة الغربية وقطاع غزة ليسوا محاذين لبعصهم البعض.6. ليست هناك اليوم سلطة فلسطينية قادرة على تطبيق اتفاق مع اسرائيل.جذور الوضع الحالي تكمن في قرار حكومة بريطانيا منذ عام 1922، الذي فصل شرق الاردن (اليوم المملكة الاردنية) عن المناطق التي خضعت للوصاية البريطانية وفقا لقرار عصبة الامم، من اجل اقامة دولة يهودية عليها. اجتياح مصر والاردن لارض اسرائيل في عام 1948 ترك السيطرة على قطاع غزة بيد مصر والضفة الغربية بيد الاردن، مع التوقيع على اتفاق الهدنة مع اسرائيل في عام 1949. سريان هذا الاتفاق انتهى في عام 1967 عندما فرضت السيطرة الاسرائيلية الكاملة على تلك المناطق ومن بعد ذلك جاء الانسحاب الاسرائيلي احادي الجانب من قطاع غزة واخلاء المستوطنات هناك في عام 2005.بعد التوقيع على اتفاق الهدنة في عام 1949 قام الاردن بضم الضفة الغربية ومنح المواطنة الاردنية للفلسطينيين من دون ان يرى اية حاجة لاقامة دولة فلسطينية اخرى. المصريون ايضا لم يعملوا على اقامة دولة فلسطينية في غزة. الوضع الحالي هو نتيجة لتدخلات الدولتين العدوانية وسلوكهما في عام 1967.لماذا لا يدرسون الان امكانية اعادة الوضع الى مكان عليه قبل حرب حزيران – اي الضفة الغربية للاردن وغزة لمصر، هذه الخطوة التي يمكنها ان تؤدي الى تطبيع وضع السكان في هذه المناطق؟ السبب هو ان الاردن ومصر ليستا معنيتان بالسيطرة على هذا التجمع السكاني الذي يعتبر دفيئة للارهاب وقد يشكل خطرا على استقرار نظاميهما. لهذا السبب بالضبط تعتبر اقامة دولة فلسطينية في هذه المناطق المحاذية لاسرائيل خطرا بالنسبة للدولة العبرية.لو اقتلع الارهاب الفلسطيني من جذوره لتغير موقف اسرائيل والاردن ومصر بالضرورة. على اية حال الامكانيات غير الواقعية اليوم قد تصبح مقبولة في المستقبل. المغزى الواضح من هذا التحليل هو ان الهدف الآني لمن يتطلعون لتحسين الوضع يجب ان يكون دحر الارهاب الفلسطيني وانه لا يمكن ان يكون هناك تقدم سياسي من قبل ان يتحقق هذا الهدف. كما برهن نجاح الجيش الاسرائيلي في الصراع ضد الارهاب في الضفة الغربية في السنوات الاخيرة – يمكن القول ان هذا هدف قابل للتحقيق. تطبيق حل الدولتين لشعبين في هذه المرحلة ليس عمليا والاصرار على انه الحل الوحيد قد يكون كارثيا. آن الآوان للنظر في نهج وفرضية اخرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق