رصدت التقارير والتحليلات تصاعد التوترات على خط أنقرة – واشنطن وعلى خلفية هذه التوترات انقسمت التوقعات ضمن ثلاثة سيناريوهات، راهن الأول على ترجيح القطيعة، وراهن الثاني على ترجيح عودة الوئام، وراهن الثالث على استمرار الوضع القائم.
* ماذا تقول المعلومات:
-- خلال فترة بوش انخفض الرهان على عودة الوئام على خط أنقرة– واشنطن إلى حده الأدنى وعندما حانت لحظة الانتخابات الرئاسية الأمريكية شكل سيناريو علاقات خط أنقرة
– واشنطن ارتباطاً بنتائج هذه الانتخابات لجهة أن صعود المرشح الجمهوري جون ماكين سيؤدي إلى مزيد من التوتر والقطيعة وصعود المرشح الديمقراطي باراك أوباما سيتيح ويفسح المجال للمزيد من التفاهم وتقليل التوتر..صعدت إدارة أوباما وبالفعل كانت تركيا أول بلد شرق أوسطي يحظى بزيارته إليها ولاحظ الجميع أن زيارة أوباما لتركيا كانت قبل زيارته لإسرائيل وهو أمر ينطوي في حد ذاته على الكثير من الدلالات بحسب التفسيرات الدبلوماسية.ترافقت زيارة أوباما لتركيا بقيام أنقرة بتقديم التنازلات والتخلي عن معارضتها المتشددة لتعيين الجنرال الدنماركي روسمسوين قائداً لحلف الناتو والآن برز تطور جديد في علاقات أنقرة – واشنطن تمثل في قيام أمريكا بالتنازل عن قيادة العمليات العسكرية الجارية في خليج عدن لصالح تركيا وبالفعل تولت القوات البحرية التركية قيادة القطع البحرية الموجودة في منطقة خليج عدن بحيث أصبح قائد القوات البحرية التركية يقوم بمهام قائد القوات المشتركة المتمركزة في خليج عدن.
تقول التفاصيل أن الولايات المتحدة بالتنسيق مع حلفائها قامت بتشكيل ما أطلق عليه البنتاغون تسمية قوة المهام المشتركة – 151 لتعمل تحت قيادة الأسطول الخامس البحري الأمريكي المتمركز في منطقة المحيط الهندي وقد تم التفاهم والاتفاق بين واشنطن وأنقرة على أن تتولى تركيا قيادة قوة المهام المشتركة التي تضم قطع عسكرية بحرية تابعة لفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وكندا وأستراليا واليابان وكوريا الجنوبية وبريطانيا إضافة إلى الهند وبعض الدول الأخرى.
التطور الجديد المتمثل في تسليم تركيا قيادة القوات المشتركة في خليج عدن فسرته التحليلات وتعليقات المراقبين بأنه يمثل خطوة جديدة بارزة الأهمية لجهة الآتي:
• إبراز مصداقية توجهات سياسة الإدارة الأمريكية الخارجية الجديدة إزاء تعزيز الروابط والتعاون الاستراتيجي مع تركيا.
• ردع إيران وروسيا وجعلهم يتلقون إشارة واضحة تفيد لجهة أن التحالف الاستراتيجي التركي – الأمريكي ما زال قائماً.أضافت المعلومات أن قيادة الأسطول الخامس الأمريكي التي تتمركز في البحرين أعلنت رسمياً أنها ستقوم بنقل مهام قيادة قوة المهام الخاصة – 151 إلى البحرية التركية وأكدت المعلومات أن ذلك تم ضمن احتفال رسمي تم الإعلان عنه.
• مكان الاحتفال: دولة البحرين – مقر قاعدة الدعم والعمليات الخاصة بالأسطول الخامس الأمريكي.
• تاريخ الاحتفال: يوم 5/5/2009.
• الحضور: الأدميرال ميشيل هاورد من الجانب الأمريكي، الأدميرال كانير بينير من الجانب التركي.
* ماذا وراء قوة المهام المشتركة – 151:
تم إطلاق قوة المهام المشتركة – 151 في يوم 8 كانون الثاني وذلك تحت عنوان معلن لمهمة هي: مكافحة القرصنة الصومالية المتزايدة في منطقة خليج عدن.بداية قوة المهام المشتركة كانت من قطع بحرية تتضمن سفن وبوارج تتبع لأساطيل الولايات المتحدة وتركيا وسنغافورة والدنمارك وبريطانيا. ولاحقاً انضمت عدة دول أخرى. وتقول بعض التفسيرات أن قيام واشنطن بإسناد قيادة قوة المهام المشتركة إلى تركيا في هذا الوقت بالذات هي أمر يهدف إلى جوانب غير معلنة كثيرة منها:
• إبعاد الأسطول التركي من مناطق البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط ودفعه إلى الاهتمام ببعض الملفات والقضايا البعيدة عن المجال الحيوي البحري التركي.
• توريط القوات التركية في عمليات عسكرية ضد المصالح الإيرانية في منطقة خليج عدن الحيوية بالنسبة لحركة الملاحة الإيرانية.
• توريط القوات التركية في عمليات عسكرية ضد الصومال بما يساعد لاحقاً في توريط القوات التركية في المسرح الصومالي الذي تخطط واشنطن وحلفائها إلى إشعاله على غرار المسرح الأفغاني.
• دفع تركيا للدخول في الترتيبات الأمنية – العسكرية المتعلقة بأمن البحر الأحمر بما يؤدي إلى قيام شراكة أمنية – عسكرية تضم مصر – السعودية – تركيا – الولايات المتحدة – فرنسا – وربما إسرائيل.هذا، وتقول بعض التسريبات أن واشنطن تسعى إلى تعزيز علاقاتها مع المؤسسة العسكرية التركية بما يؤدي إلى الآتي:
• المزيد من عملية بناء الثقة المتبادلة بين واشنطن وهيئة الأركان التركية.
• المزيد من التفاهم المشترك بين واشنطن وقيادة المؤسسة العسكرية التركية بما يؤدي إلى تحقيق الأهداف الأمريكية الآتية داخل تركيا:
- استخدام المؤسسة العسكرية التركية في ردع توجهات حكومة حزب العدالة والتنمية من مغبة السعي للتخلي عن التحالفات والروابط مع أمريكا.
- تعزيز موقف المؤسسة العسكرية التركية، لجهة الانقضاض على السلطة متى ما حانت لحظة "فراغ السلطة" بما يتيح للمؤسسة العسكرية التركية التقدم لملء هذا الفراغ باستخدام قوتها العسكرية.إضافة لذلك، تقول بعض التسريبات أن قيام واشنطن بتسليم قيادة قوة المهام المشتركة – 151 لأنقرة هو بالأساس مناورة عسكرية تهدف إلى تنفيذ عملية دبلوماسية هي:
• خلال الأعوام الماضية بدأت أنقرة تتجه إلى بناء الروابط مع بلدان الاتحاد الأوروبي والتخلي تدريجياً عن روابطها مع محور واشنطن – تل أبيب.
• سعت تركيا إلى الانتقام من فرنسا عن طريق التلويح بمعارضة إعادة إدماجها في حلف الناتو.
• سعت تركيا إلى الانتقام من الدنمارك عن طريق معارضة تولي الجنرال الدنماركي راسموسين منصب قائد حلف الناتو.
• أدركت فرنسا والدنمارك أن سبب الانتقام التركي هو معارضتها المتزايدة لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي أو بالمقابل للمواقف التركية فقد سعت كل من فرنسا والدنمارك إلى إعلان عدم موافقتهما الصريحة على انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي إضافة إلى وجود تحركات دبلوماسية فرنسية – دنماركية تهدف إلى تجميع تحالف لبعض دول الاتحاد الأوروبي يهدف إلى الحيلولة دون منح تركيا عضوية الاتحاد الأوروبي وتقول التسريبات أن ألمانيا ستكون ضالعة في هذا التحالف.
• أدركت واشنطن أن تركيا ستفهم وتدرك خلال الفترة المقبلة أن عضويتها في الاتحاد الأوروبي قد تبددت وبالتالي وحتى لا تتقدم روسيا أو إيران لملء الفراغ الاستراتيجي التركي فإن على أمريكا المبادرة إلى إنعاش روابطها مع أنقرة.
• إنعاش الروابط مع أنقرة يهدف في وقت لاحق إلى تحقيق جملة من الأهداف النوعية التي ستتمثل في:
- إعادة إنعاش العلاقات التركية – الإسرائيلية.- إقناع تركيا بالتخلي عن دعم إيران طالما أن إيران النووية ستشكل تهديداً مباشراًً لتركيا غير النووية.
- إقناع تركيا بالاستمرار في العمل من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة ولكن حصراً بالتفاهم والتنسيق المسبق مع المعتدلين العرب (مصر – السعودية - الأردن).
- إقناع تركيا بضرورة التعاون مع أربيل الكردية والقبول بإمكانية قيام كيان كردي عراقي يساعد في امتصاص ضغوط الأزمة الكردية التركية ويدفع باتجاه نقل الأزمة بشكل عابر للحدود إلى شمال العراق.التعاون التركي – الأمريكي خلال المرحلة القادمة سوف لن يتوقف حصراً على التعاون في عمليات قوة المهام المشتركة – 151 وإنما سيشمل ملف أفغانستان وبرغم ذلك تجدر الإشارة إلى أن حكومة حزب العدالة والتنمية تملك المزيد من القدرات والمهارات السياسية إضافة إلى الوزن الجيوبوليتيك المطلوب لجهة المضي قدماً في التعاون مع واشنطن ولكن في الوقت نفسه تفادي التورط في المنعطفات الحرجة التي ستلقي بتداعياتها على مستقبل حزب العدالة والتنمية السياسي خاصة وأن ما هو مفهوم ومعروف يتمثل في أن حزب العدالة والتنمية سوف لن يتمادى في التبعية لواشنطن لأن ذلك سيكلفه ثمناً باهظاً سيكون أوله خسران تأييد الرأي العام التركي الذي أصبح الأمريكيون يفهمون جيداً أنه أصبح معادياً للسياسة الأمريكية الشرق أوسطية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق