ينشغل الفلسطينيون في كيفية إنجاح الحوار، وإنهاء الانقسام، وينشغلون في إعادة تشكيل حكومة جديدة، من أهم مميزاتها، وصلاحياتها؛ تأمين الراتب آخر الشهر، ولا يشغلها كثيراً ما يجري من استيلاء على أراضي الضفة الغربية، ومحاصرة غزة، واغتصاب الحقوق الفلسطينية، فهذا أمر يعني حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، ورئيسها "براك أوباما" الذي سيناقش التوسع الاستيطاني مع رئيس الحكومة الإسرائيلية منتصف الشهر، ولاسيما بعد أن أشارت التقارير الإسرائيلية إلى تسارع الاستيطان في الفترة الأخيرة؛ بما في ذلك البناء العشوائي شرق الجدار، وإقامة بؤر استيطانية جديدة.
لا يعني الحكومة الفلسطينية التنبه إلى ما كشفه تقرير منظمة الشئون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، والذي يشير إلى أن 13% فقط من أراضي بيت لحم القريبة من القدس بقت متاحة للفلسطينيين لاستخدامها، وإن انتبهت الحكومة فلن تفعل شيئاً، لأن باقي الأرض التي يحلم الفلسطينيون بإقامة دولتهم عليها تقع تحت سيطرة المستوطنات، ومحميات طبيعية، ومناطق تدريب الجيش، ووفق اتفاقية "أوسلو" فإن 66% من أراضي بيت لحم تعرف بمنطقة "سي" تحتفظ فيها إسرائيل بصلاحيات عسكرية، وقد كشف التقرير عن عشرات آلاف الوحدات السكنية التي سيتم إنشاؤها في المنطقة المذكورة، وبالتالي سيتم عزل الفلسطينيين في "جيتوات" لا تتواصل إلا من خلال الحواجز الإسرائيلية، وكل هذا شأن الحكومة الأمريكية، ورئيسها باراك أوباما، ويكفي الحكومة الفلسطينية المأمولة تأمين الرواتب آخر الشهر.
نعم، الحكومة الأمريكية مهتمة بإزالة المستوطنات العشوائية، وهي مهتمة بالتواصل الجغرافي بين الفلسطينيين، والحكومة الأمريكية تحض على توفير الرواتب لموظفي السلطة آخر الشهر، وقبل ذلك فهي مهتمة بتوفير الأمن داخل الضفة الغربية، وتنفق الأموال على ذلك من خلال "كيت دايتون" والحكومة الأمريكية يعنيها عدم الانتظار حتى الانفجار الذي يطيح بمصالحها في المنطقة، ولذلك فهي تستقبل السيد "عباس" وكأنه رئيس دولة عظمى، وهي تعرف أنه لا يملك نفوذا على الأرض التي تسيطر عليها الدولة العبرية، ولكنها تولي السيد "عباس" اهتماماً مبالغاً فيه كي لا تقتل الأمل لدى الفلسطينيين بإمكانية الحل السياسي، وكي تطالبهم بالتحلي بمزيد من الصبر، لضمان استمرار الهدوء في المنطقة.
إن حالة الهدوء، والصمت المطبق على الضفة الغربية لا تخدم القضية الفلسطينية، ولا تبشر بضغط خارقٍ على إسرائيل، وهذا ما يؤكده "موشي يعلون" عندما قال: "أن أمريكا لا تلزم إسرائيل بخطوات تمس أمنها، وأن مبادرات مثل اتفاق أوسلو، وعملية الفصل عن قطاع غزة والمفاوضات مع سوريا؛ كانت مبادرات إسرائيلية وليست إملاءً أمريكياً"، وهذا كلام صحيح، وحتى لو تحقق الضغط الأمريكي فلن يعطي حلاً، وسيعرف اليهود كيف يسوّفون، ويماطلون، ولذا لا بد من وحدة فلسطينية لا تتخلى عن المقاومة، وتفرض نفسها نداً ميدانياً، وتضع شروطها، وتعلن عن زمنٍ محددٍ لنفاذ الصبر، وانتهاء مرحلة انتظار الحلول التي وسعت طرق الاستيطان، ومهدت لمصادرة التراب، وهيئت النفس الفلسطينية، وعودتها على انتظار آخر الشهر، وترقب الراتب.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق