بعد أيام ستعقد جلسة الحوار الفلسطيني في القاهرة، وأحسب أن لا أمل في نجاح الحوار الذي تباينت فيه المواقف إلى حد الافتراق، وعدم القدرة على جزر الشقاق، والتي يمكن تلخيصها في جملة استفهامية لا تختصر أسباب الخلاف الفلسطيني، وإنما تكشف عن أصول الصراع العربي الإسرائيلي، والنظرة إليه، وهذه الجملة هي: كيف تنظر إلى العلاقة مع اليهود في دولة إسرائيل؟
ففي حين ترى حركة حماس أن (إسرائيل) دولة عدوة، يجب وضعها بين قوسين، ولا يمكن الاعتراف فيها، لأن الاعتراف ب (إسرائيل) يعني شطب فلسطين، ترى السلطة الفلسطينية أن إسرائيل دولة جارة، واسمها: الطرف الآخر، وليس العدو الإسرائيلي، ويمكن التعايش معها إذا انسحبت من الضفة الغربية.
وفي حين ترى حماس أن الذي بين الفلسطينيين وبين اليهود في إسرائيل هو صراع وجود، لا يمكن توقفه، وإن وافقت حماس على الهدنة فهي مؤقتة، ولكن السلطة ترى في المشكلة خلافاً على نسبة الانسحاب من الضفة الغربية، وشروط قيام الدولة الفلسطينية.
وترى حماس أنها في حل من الاعتراف بما اعترفت فيه منظمة التحرير، وترى أنها في زمن الاعتراف الفلسطيني كانت غضة العود، أو في السجون، ولا تلزمها الاتفاقيات التي وقعت في زمن رديء لم يكن فيه قد اشتد ساعد المقاومة، بينما ترى السلطة الفلسطينية أن عوامل الضعف التي أوصلت إلى ردى اتفاقيات أوسلو ما زالت قائمة، وعليه لا بد من الالتزام بالاتفاقيات الموقعة، ووقف المقاومة.
وفي حين ترى حماس أن المقاومة واجب مقدس لا يمكن التخلي عنه، ولا تسمح للسلطة بأن تكبل يدها عن مقاومة المحتلين لأراضي 67، وهو أضعف الإيمان، مع الاستعداد لهدنة عشرات السنين، ترى السلطة أن المقاومة تهلكة، وعبث، يجب توقفها رحمة بالمجتمع، ولا يصح أن تفرض حماس منطقها المقاوم دون إجماع وطني على ذلك.
وترى حماس أنها مع حكومة وحدة وطنية لا تعترف بشروط الرباعية، وتناضل بشكل متكاثف لكسر هذه الشروط التي فرضتها إسرائيل، وأذلت الشعب، بينما ترى السلطة أن أي حكومة يجب أن تعترف بشروط الرباعية كالبلور كي تضمن اعتراف الدولة العبرية فيها.
وترى حماس أن الموافقة على شروط الرباعية يعني الموافقة على شطب الأسس التي قامت عليها حماس، وإنهاء مقوم وجودها كتنظيم مقاوم، يطمح في استرداد كل فلسطين بالقوة، بينما ترى السلطة أن شروط الرباعية شرط لبقاء السلطة، واعتراف المجتمع الدولي فيها، وتقديم المساعدات المالية لها، وتوفير الرواتب لموظفيها، وبقائها على قيد الحياة.
ستنتهي عشرات الجلسات وكلا الطرفين يتحاوران في شكل العلاقة مع الإسرائيليين، هل هي علاقة تأسست على العداوة واغتصاب الدار، أم على المودة وحسن الجوار؟
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق