يتفلسف بعض القادة الفلسطينيين، ويتبعهم بعض الكتاب في القول: أنهم لا يعترفون بإسرائيل، وأن الذي يعترف بشروط الرباعية المهينة هي الحكومة الفلسطينية، بل ويضيفون: بأنهم يمقتون اتفاقية "أوسلو" وكل المعاهدات، والمواثيق المذلة التي تم توقيعها مع إسرائيل، ويقولون: يا حماس، ليس مطلوباً منك الاعتراف بشروط الرباعية، ولا تنبذي المقاومة، ولا تعترفي بإسرائيل، ولا تلتزمي بالاتفاقيات الموقعة معها، لأننا في حركة فتح أكثر منكم تمسكاً بكل فلسطين، وبعدم الاعتراف بشروط الرباعية، وإليكم برنامج حركة فتح، فإن فيه من التشدد، والتمسك بالثوابت الفلسطينية ما ليس موجوداً في برنامج حركة حماس، ومن هذا المنطلق لا نطالب حماس بتغيير ميثاقها، إنما نطالب حركة حماس بالتوافق مع السلطة على دعم حكومة الوحدة الوطنية التي ستعترف بالشروط الرباعية، لأن الحكومة جاءت نتيجة اتفاقيات أوسلو، التي لا يمكن التنكر لها.
كلام قادة فلسطينيين جميل مشحون بالمنطق المشوّه، وفيه فلسفة تبريريه عجيبة لتبسيط الاعتراف بإسرائيل، وتبرير اعتقال المقاومين، وذلك لأن مجرد اعتراف الحكومة الفلسطينية بشروط الرباعية، يصبح المطلوب منها إلزام كافة التنظيمات بما وافقت عليه، وإذا فكر تنظيم بالمقاومة، أو محاربة إسرائيل، ستأتيه الحكومة وتقول له: نحن السلطة الفلسطينية العليا التي تدعمها كل التنظيمات، وقد اتفقنا على نبذ العنف، فكيف تقومون بالتدريب، وجمع السلاح؟ وكيف تطلقون النار على إسرائيل التي نعترف فيها؟ وبالتدريج سيصير برنامج الحكومة هو العجل المقدس الذي يمضغ عشب المصالح الإسرائيلية، وليس أمام التنظيمات غير الاعتراف بشكل غير مباشر بشروط الرباعية، والخنوع.
ضمن هذه الفلسفة التي تبرر تصفية المقاومة يأتي الحديث عن التهدئة، أو وقف إطلاق النار، ليقال: أن حكومة غزة تحرص على التهدئة أكثر من حكومة رام الله، وأن ما كانت تطالب فيه السلطة من وقف لإطلاق النار، تقوم فيه حماس عملياً، وبشكل أكثر صرامة، وما دام الأمر كذلك، فكل التنظيمات في الهوى سوا. وهذا كلام مغلوط، ومشكك بالمقاومة، والسبب يرجع على أن وقف إطلاق النار من قبل سلطة رام الله رافقه محاربة المقاومة، ومطاردة المقاومين، واعتقالهم، ومصادرة سلاحهم، والتنسيق الأمني مع الإسرائيليين، بينما وقف إطلاق النار من قبل حماس، وفصائل المقاومة يرافقه مواصلة التسليح، وتهريب السلاح، والإعداد، والتدريب، والتجهيز لمعركة قادمة لا محالة، وهذا ما يؤكده رؤساء الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أنفسهم، وما تؤكده الغارات الإسرائيلية التي طالت السودان.
* كاتب فلسطيني يقيم في قطاع غزة - fay
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق